الجمعة، 22 أغسطس 2014

يا نورَ زينب



طَهُورٌ ذِكْرُها يعلو ويحلو * عظـيــمٌ جاهُــها والوصــلُ غــالي

ترى بدرَ البدورِ إذا تراها * ترى شمسَ الضحى، صُبحَ الجَمَالِ

تــرى نورَ النـبيِّ بها جلياً * وطـلعــةُ وجـــهِها خيــرُ اكْـتِـحـالِ

ولو كُشِفَتْ لنا أنـــوارُ زينبْ * لضـاءَ الـكــونُ في ظُـلَمِ الليـــالي

ولو كان الربيعُ بحسْنِ زينبْ * لتـــاهَ الكـــونُ في حُــلَـلِ اختيـالِ

ولو نَثَرَ الضريحُ عبيرَ زينبْ * لصــار الكــونُ مِسْــكاً مع لئالي

ولو سار النساءُ على خُطـاها * لعَـمَّ الطُــهْرُ في كَــرَمِ الخِـــلالِ

فأيــن مثـيــلُها والأم زَهْـــرا؟! * وفاطـمــةٌ تجِــلُ عــن المـثـالِ
 
أبــوها حيــدرُ الهيْجــا علي * أخو (المخـتـارِ) من بين الرجـالِ

أخــوها سيــدٌ (حسَــنٌ) وسبــطٌ * أمير الأولــيا أهــل المعــالي

(حُسَينٌ) صِنوه في الوصفِ حُسْناً * حُسَينٌ سَيِدُ الشُهَدا العوالي

وجــدُهُـــمُ حبيــبُ اللهِ أحــمــدْ * خِتــامُ الأنبــيا أهــلِ الكمــالِ

صــــلاةُ اللهِ تعلُــو كـلَّ قـدرٍ * على طـــهَ المُتَــــوَّجِ بالجـــلالِ 

صــــلاةُ اللهِ تعلُو كـلَّ فَــخْرٍ * عـلى آلٍ لأحــــمـــدَ خيـــــرِ آلِ

خالد الشاذلي - أميمة الشاذلي
الثلاثاء/ 20 رجب 1435هـ
20 مايو 2014م

الثلاثاء، 8 يوليو 2014

لماذا السيدة فاطمة؟!


في المقال السابق تحدثت عن الدلالة اللغوية والشرعية ل(آل البيت)، وختمت حديثي بأن آل البيت الذين سنتحدث عنهم هم أهل الكساء أو العباءة؛ وهم: السيدة فاطمة وسيدنا الإمام علي والحسن والحسين بالإضافة إلى السيدة زينب، ومن جاء من نسلهم، عليهم جميعاً وعلى رسول الله وآله أفضل صلاة وأتم تسليم.
وقد أشرت في نهاية المقال إلى سؤال قد يتبادر إلى الأذهان: لماذا حين نتحدث عن آل البيت وسلالة آل البيت لا نذكر من أبناء وبنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سوى السيدة فاطمة عليها سلام الله؟! ولكي نعرف السبب، لابد لي من أن أذكر أولاً أبناء رسول الله.
وأبناء رسول الله جميعاً باستثناء واحد فقط، كانوا ثمار زواجه بالسيدة الطاهرة خديجة بنت خوليد عليها سلام الله. وهم:

سيدنا القاسم: وقد عاش سنتين، وقيل أقل من ذلك، ثم توفاه الله تعالى.

سيدنا عبد الله: ويقال له (الطيب) و (الطاهر)، وقد عاش أقل من سنة ثم توفاه الله تعالى.

السيدة زينب: كبرى بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تزوجت من ابن خالتها السيدة هالة، واسم زوجها (أبو العاص بن الربيع) والذي كان يحبها حباً شديداً حتى أنه بقي معها بعد إسلامها رغم عدم إسلامه ورغم ما تعرض له من كفار قريش. وقد توفيت السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها عام 8 للهجرة وعمرها ثلاثون عاماً ودفنت بالبقيع. وقد أنجبت السيدة زينب (علي) و (أمامة)، أما سيدنا (عليّ) فقد كان رديف رسول الله صلى الله عليه وآله في فتح مكة، ورديفه هنا يقصد بها أنه كان يركب خلف رسول الله على دابته في فتح مكة، وقد مات عليه السلام صبياً. أما السيدة (أمامة) فقد عاشت وتزوجت من سيدنا الإمام علي بناء على وصية السيدة فاطمة عليها السلام قبل وفاتها، وقبل استشهاد سيدنا الإمام علي أوصاها بأنها إن أرادت الزواج فلتتزوج من المغيرة بن نوفل بن الحارث، لكنها لم تنجب من أي منهما كما وجاء في (الإصابة في تمييز الصحابة) و(أسد الغابة)، وقيل أنجبت من الإمام علي (محمد الأوسط) وقد استشهد في كربلاء، وأنجبت من المغيرة (يحيى) لأنه كان يكنى بأبي يحيى، ولكن لم تورد كتب التاريخ والسير شيئاً عنه ولم يعرف له نسلاً. وبهذا ينقطع نسل السيدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

السيدة رقية: وتكنى بأم عبد الله، وقد تزوجت من عُتْبة بن أبي لهب لكنه لم يدخل بها، وكان ذلك قبل أن يجهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدعوته، ولما نزل قوله تعالى: «تبت يدا أبي لهب وتب»، فلسط أبو لهب ابنه عُتْبة على زوجه السيدة رقية فطلقها، وتزوجها من بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه وهاجرت معه إلى الحبشة ثم إلى المدينة، ومرضت السيدة رقية واشتد مرضها حتى توفيت ولها من العمر آنذاك 22 عاماً وكانت بذلك أول من لحق بالسيدة خديجة عليها سلام الله. أنجبت السيدة رقية من سيدنا عثمان بن عفان (عبد الله)، والذي كان يكنى به سيدنا عثمان، فكان يكنى بأبي عبد الله، لكنه توفي بعد وفاة أمه بعامين وعمره ست سنوات ودفن بالمدينة المنورة. وبذلك ينقطع نسل السيدة رقية عليها سلام الله.

السيدة أم كلثوم: تزوجها عُتَيْبة أخو عُتبة بن أبي لهب ولم يدخل بها، وفعل ما فعله أخوه بأختها؛ فطلقها، ولكنه لم يكتف بذلك بل أساء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسبه، فدعا عليه رسول الله بأن يسلط الله عليه كلبٌ من كلابه، ولم يسِر عُتيبة بعدها إلا ومعه من يحرسه، إلا أن الحراس لم يمنعوا استجابة دعوة الرسول؛ حيث هجم عليه أسد مزقه. تزوجت السيدة أم كلثوم من سيدنا عثمان بن عفان بعد وفاة أختها السيدة رقية، ولم تنجب منه، ومرضت ثم توفيت عام 9 من الهجرة ودفنت بجوار أختها السيدة رقية.

السيدة فاطمة: وهي صغرى بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تزوجت من سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأنجبت منه: الحسين والحسين والسيدة زينب والسيدة أم كلثوم. والسيدة فاطمة هي الابنة التي كتب الله البقاء لذريتها وذرية ذريتها حتى يومنا هذا،  وسنفرد لها مقالاً مطولاً يتحدث عن سيرتها بإذن الله تعالى.

لم يتبق من أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سوى سيدنا إبراهيم والذي أنجبه من زوجه السيدة (مارية القبطية) عليها سلام الله، وقد توفي سيدنا إبراهيم عام 8 للهجرة وعمره ستة أشهر، وقيل بأنه توفي وعمره عامان أو أقل. وهو الذي قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في وفاته: «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون».

نخلص من هذا أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 7 من الأبناء على الأصح، توفاهم الله جميعاً في حياة رسول الله عدا السيدة فاطمة الزهراء، ولم يتبق من نسل جميع بناته سوى نسل السيدة فاطمة الزهراء والتي اختارها الله تعالى ليكون من نسلها أهل بيت رسول الله جميعاً. وكما ذكرنا نبذة عن أبناء وبنات رسول الله، وقبل أن نبدأ بسرد سيرة السيدة فاطمة عليها السلام، سأُتبع هذا المقال بمقالين: أحدهما عن أمها السيدة خديجة عليها سلام الله، والآخر عن والدي رسول الله؛ لأتحدث في المقالين عن ما لم يعرفه كثيرٌ منا عنهم مما ورد في كتب السير . فليس لنا أن نتحدث عن الفرع قبل الحديث عن الأصل.


القاهرة – صباح الثلاثاء
العاشر من رمضان 1435هـ
الثامن من يوليو 2014م

الأحد، 6 أكتوبر 2013

آل البيت



في المقال السابق تحدثت عن الحديث النبوي الصحيح: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما» .. وبعد أن شرحنا بالتفصيل أسباب عدم انتشار هذا الحديث النبوي الصحيح المتواتر والذي يطابقه في المعنى حديث آخر في صحيح مسلم .. يحضرنا سؤال طرحه عليّ عدد من القراء: من هم آل البيت؟!
وأبدأ في الإجابة على هذا السؤال بتعريف "آل البيت" في اللغة .. فآل بيت الإنسان هم من يعيشون معه من أقاربه، أما في الشرع فلآل البيت ثلاثة مفاهيم:

أولا: المفهوم الأول لكلمة "آل البيت" شرعاً تشير إلى زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. فهن أهل بيت النبي في حياته، ولكنهن لا ينسبن إليه في الحقيقة .. أي أنهن لسن من أقربائه، فصلتهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بدأت حين تزوجهن رسول الله ..  فكانوا من آل بيته لرباط الزوجية وليس النسب .
وقد فسرالعلماء المفسرون بأن الآية الكريمة "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" تشير إلى زوجات النبي صلى الله عليه وآله لكونها في سورة الأحزاب في سياق الحديث عن أمهات المؤمين بدءاً من الآية: "يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ... إلى أن وصل إلى قوله "إنما يريد الله..." الآية

ثانياً: آل البيت هم من حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم .. وهاشم هو الجد الثاني لرسول الله صلى الله عليه وآله .. فرسول الله هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم
وأستشهد هنا بالحديث الذي جاء في صحيح مسلم والذي ختمت به المقال السابق، والحديث وارد في باب من فضائل علي بن أبي طالب الجزء السابع:
عن زيد بن الأرقم رضي الله عنهما قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ». فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ « وَأَهْلُ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى ».
فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: (وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟!)
قَال: (نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ).
قَال: (وَمَنْ هُمْ)
قَالَ: (هُمْ آلُ عَلِىٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ) .
قَال: (كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟)
قَالَ: (نَعَمْ).
والحديث هنا وضح أن مفهوم آل البيت "الشرعي" لا يدخل فيه نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد وضح الصحابي الجليل سيدنا زيد بن أرقم للصحابي الجليل سيدنا حُصين هذا المفهوم حين سأله: (وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟!)
فقَال سيدنا زيد موضحاً: (نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ).
أي أن نساء النبي من أهل بيته بالمفهوم اللفظي ولكن آل البيت هنا المقصود بهم من حُرم الصدقة .. أي من لا يجوز لهم أخذ الصدقات من الناس كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وآله القائل "إنا آل محمد لا نأخذ الصدقة"
والحديث هنا لم يترك الحيرة تأخذ بالقارىء، بل إن سيدنا حصين قد أتبع سؤاله الأول بالثاني وسأل سيدنا زيداً: (وَمَنْ هُمْ)
فأجابه سيدنا زيد: (هُمْ آلُ عَلِىٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ)
أي هم أبناء عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وقد جاء في رواية أخرى للحديث السابق بزيادة "فقلنا من أهل بيته نساؤه؟!"
قال: "لا، وايم الله! إنما المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها" ، وهذا تأكيد للمعنى السابق ذكره، وهو أن الزوجة تكون من آل بيت الزوج لكنه قد يطلقها فترجع إلى بيت أهلها ، وبهذا تكون الزوجة من آل بيت الرجل مؤقتاً لا على سبيل الدوام .. وهذا هو تفسير إجابة سيدنا زيد عن سؤال سيدنا حُصين.
ولا يخفى علينا أن الصحابي الجليل سيدنا زيد رضي الله عنه قد روى هذا الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد أن قال الله تعالى "لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج" .. والصحابي الجليل يعلم جيداً أن زوجات النبي لسن كغيرهن من الزوجات . وأن لقب "أمهات المؤمنين" دائم لهن في حياة النبي وبعد انتقاله وانتقالهن إلى الرفيق الأعلى، ولكنه أكد على أنه حتى مع كل هذا فإنهن لا يدخلن في خصوصية آل البيت التي ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. مع عظم قدرهنّ.

ثالثاً: آل البيت هم أهل الكساء .. وهم صفوة آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
جاء في صحيح مسلم - الجزء السابع، وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل - الجزء الرابع، وفي سنن الترمذي: باب مناقب أهل النبي محمد صلى الله عليه وآله. الجزء الخامس
عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عيله وسلم قال : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و سلم { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } في بيت أم سلمة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)
قالت أم سلمة: (وأنا معهم يا نبي الله؟)
قال: "أنت على مكانك وأنت إلى خير"

قبل أن أشرح الحديث لابد وأن أنوّه بأن هذا الحديث ورد بلفظه في صحيح مسلم وهو أحد الكتابين الذيْن يعتد بهما المتشددون في تخريج الحديث ... كما ورد في سنن الترمذي والمستدرك للحاكم وغيرهما من كتب أهل السنة .. وقد صححه الألباني، وكما قلت أكرر مرة أخرى بأن الألباني ليس الحجة على حديث الرسول ولكنه رجل يعتد به الكثير من المتشددين في الحكم على صحة الأحاديث.
نعود لشرح الحديث ..
اشتهر هذا الحديث بين المحدثين ب"حديث الكساء" .. والحديث يوضح أن من غطاهم أو لفهم رسول الله بالكساء هم: ابنته السيدة فاطمة عليها سلام الله وزوجها وابن عم رسول الله سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وابنيهما سيدنا الحسن وسيدنا الحسين عليهم وعلى جدهم وآله أفضل صلاة وأتم تسليم، وقد أسقط رسول الله عليهم الآية الكريمة التي نزلت في دار السيدة أم سلمة والتي سألت رسول الله أن يُدخلها في الكساء مع ابنته وزوجها وولديهما لكنه أشار إليها أن تظل في مكانها وأنها في منزلة رفيعة لكنها لا تدخل في خصوصية هذا الحديث.
وقد اتفق مع هذا الحديث في شرح الآية الكريمة تفسير القرطبي حيث ورد فيه: عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما أنزل الله عز وجل:" قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى " قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين نودهم؟ قال: (علي وفاطمة وأبناؤهما).

وقد ذكر بعض العلماء أن أهل العباءة أو الكساء ومن جاء من نسلهم يطلق عليهم خاصة "أهل البيت" لا "آل البيت". وشرحوا ذلك لغوياً بأن كلمة "آل" يأتي منها الفعل "آل - يئول"، فكل من يئول نسبه إلى بني هاشم فهم من "آل البيت" الهاشمي، أما كلمة "أهل" فهي كلمة خاصة لا تطلق إلا على أبناء المرء وزوجه. واستدل الفريق القائل بذلك بالآية الكريمة "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً".
وفي هذا بعض الوجاهة؛ حيث تكرر هذا اللفظ في أحاديث عدة منها الحديث الذي افتتحنا به المقال السابق وهو حديث مسلم «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما»، وهناك حديث آخر لمسلم ختمنا به المقال الأول، وجاء فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم « وَأَهْلُ بَيْتِى .. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى .. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى.. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى »
وهنا يجدر بي أن أقول أنه في ذات الحديث الذي أخرجه مسلم قد شرح معنى كلمة "أهل بيتي" وذكر أنهم من حرم الصدقة من بني هاشم، وهذا الشرح لا يتفق مع قول من قال بأن كلمة "أهل بيتي" تشير إلى أبناء السيدة فاطمة وأحفادها، كما أن الصلاة الإبراهيمية نقول فيها: "اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم"، والمتأمل في الصلاة الإبراهيمية يجد أن "آل سيدنا إبراهيم" لا تشير إلا لأبنائه وأبنائهم، وإذا قسنا الأمر ذاته على "آل سيدنا محمد" سنجد أن الإشارة هنا إلى أبنائه وأبنائهم، وبذلك تكون دلالة كلمة "آل" هنا هي ذاتها دلالة كلمة "أهل" عند من قالوا بخلاف ذلك. والخلاصة أن في الأمر سعة، فقد جاء في الكتاب والسنة ما يؤكد على أن كلا اللفظين مستخدمان لمفهوم واحد وهو أبناء السيدة فاطمة ومن جاء من نسلهم، وما يؤكد ذلك هو اصطلاح العامة والخاصة على أن يشيروا إليهم ب "آل البيت"، وهو ما سنجده في كتب التاريخ والأدب والشعر، لذا فلا أجد بأساً في استخدام أي اللفظين.
والخلاصة أن لفظ "آل البيت" شرعاً يشير إلى ثلاثة مفاهيم: أولها زوجات النبي .. ولكنه مفهوم مؤقت .. بنص حديث مسلم
ثانيها: هو أن آل بيت رسول الله هم من حُرم الصدقة من بني هاشم جد النبي صلى الله عليه وآله وهم كما ذكرنا أبناء عبد المطلب ممن أسلم منهم..
وثالث المفاهيم قيّد المفهوم الثاني ليجعل آل البيت هم أهل الكساء وليس كل بني هاشم .. بل سيدنا علي وزوجه وابنيهما، بالإضافة إلى السيدة زينب ومن جاء من أبناءهم بعد ذلك.
والمفهوم الثالث قد يدفع البعض لتساؤل منطقي: لماذا حين يُذكر (آل البيت) لا نتحدث سوى عن السيدة فاطمة وأبنائها دون بقية أخواتها؟! وهذا السؤال هو محور حديثي في المقال القادم بإذن الله.


صباح الخميس
23 رمضان 1434هـ
1 أغسطس 2013م

الأربعاء، 24 يوليو 2013

وعتـــرتي


جاء في سنن الترمذي، باب مناقب أهل النبي، الجزء الخامس ما نصه:
عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما»
أبدأ كلامي بهذا الحديث الشريف الذي سيثير دهشة البعض لعدم علمه به، وسيتشكك في صحته البعض الآخر.. ولكي لا أرهق المتشككين بالبحث في هذا الأمر فإنني أؤكد لكم بادئ ذي بَدء أن هذا الحديث صحيحٌ متواتر، بل وصححه الألباني نفسه، ورغم أن الألباني ليس بحجة على حديث رسول الله إلا أنه ممن يثق فيه المتشددون في علم الحديث، لذلك أوردت اسمه من باب التأكيد على صحة الحديث الشريف بما لا يدع مجالاً للشك.

دهشة الكثير ممن سيقرأون هذا الحديث ستكون من عدم علمهم بوجوده على الإطلاق وعدم سماعه من الخطباء والشيوخ والوعاظ والدعاة .. ولهم في ذلك كل الحق .. فما اعتدنا على سماعه دوماً هو الحديث – الصحيح أيضاً- الذي نصه: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي».. بل إننا لو سألنا أي مسلم بالغ عن مقدمة الحديث ووقفت عند كلمة "كتاب الله" سيكمله على الفور "وسنتي".. الأمر الذي يجعلك تتشكك في سر انتشار هذا الحديث واندثار الآخر إلى حد استنكار السامع له.
ولكي لا يغرق القارئ في بحر الحيرة بين الحديثين، يجدر بي أن أقول بأن الجمع بين الحديث الأول والثاني ليس بالأمر العسير ولا تناقض بينهما؛ فحديث «وسنتي» يكمله حديث «وعترتي أهل بيتي»، وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد منا أن نفهم أن الطريق إلى سنته هم نسْلُه وأَقرباؤُه من أهل بيته عليهم وعلى جدهم أفضل صلاة وأتم تسليم، وهذا هو معنى قوله «وعترتي».
ولنا هنا وقفة .. وقفة تأمل تستدعي معها سؤالين: أولهما لماذا لم ينتشر هذا الحديث بين الناس؟ والإجابة على هذا السؤال تكمن في كلمة واحدة هي «الشيوخ» .. فالشيوخ والوعاظ هم المسئول الأول عن عدم نشر هذا الحديث الهام الصحيح المتواتر بين الناس في خطبهم ودروسهم الدينية.. أما سبب عدم نشرهم له فهو إما جهل منهم وتلك مصيبة .. كما أنه من المستبعد على جميع الشيوخ جهلهم بهذا الحديث خاصة ممن تبحر منهم في علم الحديث وهم ليسوا بقلة في وسط الوعظ، وإما كتمان للحديث بهدف عدم إثارة الفتنة بين العامة، لأن نشر هذا الحديث يترتب عليه السؤال الثاني الذي سيطرأ على ذهن المتأمل في الحديث المذكور وهو: كيف نتمسك بعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! وسأشرح هذا بشيء من التفصيل في الفقرة التالية ولكن .. إذا كان هذا السبب الثاني هو ما دعا بعض الشيوخ إلى كتمان هذا الحديث فالمصيبة أعظم! إذ كيف لهم أن يكتموا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم –مهما كانت المسوغات- وهو القائل في ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة: «من سُئِل عن علم ثم كتمه أُلجِم يوم القيامة بلجامٍ من نار« .. والله سبحانه يقول في كتابه العزيز: «إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيناتِ والهُدَى من بعد ما بيناهُ للناسِ في الكتابِ أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون»!!
أما السؤال الثاني الذي ذكرته في الفِقرة السابقة وهو: كيف لنا أن نتمسك بعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وقبل الإجابة على هذا السؤال دعونا نرجع بذاكرتنا إلى ما بعد الحكم الراشدي الذي انتهى بتسليم سيدنا الإمام الحسن بن الإمام علي - رضي الله عنهما وأرضاهما- الحكم لمعاوية حقناً لدماء المسلمين. فمع تسلم معاوية بن أبي سفيان الحكم بدأ ملك بني أمية.. وكما يعلم الجميع، فإن علوم الدين دائماً ما ترتبط بالأحداث السياسية الجارية .. وكثيراً ما تتحكم فيها السياسة أو تغلب عليها بشكل أو آخر .. ومن المعروف أيضاً أن فترة حكم بني أمية امتلأت بالظلم والحقد على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله .. وهذا الأمر ليس محض افتراء عليهم ولكنه واضح لكل ذي لُبٍ إذا ما رجع إلى كتب التاريخ .. فالأمر لا يتوقف عند مقتل سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه ولكن القارىء للتاريخ الإسلامي -الذي لا يظهر لنا منه إلا القليل- يجد أن معظم أئمة آل البيت قُتلوا أو سُجنوا وأن أتباعهم وأنصارهم نُكّل بهم أيما تنكيل، حتى صارت مجرد مناصرة آل البيت حينئذٍ تهمة تستوجب تعذيب صاحبها وقمعه أو دفعه للصمت .. وسنشرح هذا الأمر بالتفصيل فيما بعد مع كل شخصية سأحكي عنها في المقالات القادمة بإذن الله.. ويكفينا في إثبات مدى خطورة نشر بعض العلم أيامها ما ورد في صحيح الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «حفظتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقُطِعَ هذا البلعوم‏» أي لقُتِل.‏

وخلاصة القول هنا والتي كانت سبباً لدخولي في شيء من التفصيل في أمر يطول شرحه، هو أن ما ذكرته كان سبباً هاماً في اختفاء سيرة آل البيت من كتب السير الإسلامية، وتضارب الأقوال في كثير من القليل الذي ورد عنهم، واقتصرت سيرتهم التفصيلية على أتباع المذهب الشيعي  المبني أيضاً على السنة النبوية المطهرة ولكن بسلسلة روايةٍ تختلف عن التي يروي عنها أهل السنة. وما ورد عند الشيعة من مأثورات عن آل البيت عليهم وعلى جدهم أفضل صلاة وأتم تسليم أُخِذ ممن عاصروا وعاشروا آل البيت والتفوا حولهم رغم قسوة الظروف وصبروا على ما أوذوا وبقي منهم من شاء الله له أن يبقى حتى يبلغ عنهم ما عرفوه من علم عن أئمتهم من آل البيت .. وهذا لا يعني أن كل ما ورد عندهم هو صحيح في ذاته ولكني أشرح بشكل سريع كيفية وصول الأحاديث النبوية ومأثورات أهل البيت إليهم .. وللعلم، فلدى الشيعة تصنيف للصحيح والضعيف من تلك الأحاديث والمأثورات، وهناك الكثير من الأحاديث المشتركة بين ما ورد عندهم وما ورد عند أهل السنة.
نعود إلى السؤال مرة أخرى: كيف لنا أن نتمسك بعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
الإجابة تتلخص في عدة نقاط ..

أولاً: البحث في سيرتهم وتفنيدها حتى نقع على الصحيح منها فنأخذ به والمدسوس عليهم مما يخرج عن نطاق العقل والمنطق بما لا يُمكن أن يُصدَّق عليهم فنتركه .. وهذا أمر يقع على عاتق الشيوخ ورجال الأزهر والدين في كل مكان من شتى بقاع العالم الإسلامي .. ولا يعني هذا ألا يبحث فيه غير المتخصصين في علم الحديث .. فالبحث والمعرفة واجبان على كل عاقل .. ولكن البحث لغير المتخصص سيدفعه للتساؤل عن بعض أمور لن يجد الإحابة عليها إلا عند المتخصصين ممن تبحروا في هذا العلم .. لذا وجب إلقاء الأمر على عاتق الشيوخ والمتخصصين في علم الحديث .. وهذا الأمر لن يفيد المسلمين في الشأن الديني وحسب، بل والسياسي والثقافي والإنساني أيضاً.. فالاهتمام بهذا الأمر سيجعلنا نجد أرضية مشتركة نبني عليها فكرة الوحدة الإسلامية بين مختلف المذاهب والتوجهات.. فالوحدة الإسلامية لن تتحقق على أرض الواقع إلا بإيجاد المشترك بين كل الفرق المتناحرة .. والمشترك بينها كثير إذا ما دققنا في بحثنا الصادق المبني على نبذ العصبية المذهبية والتشدد والمغالاة من جميع الأطراف..

ثانيا: البحث عن أدعية آل البيت والتي يسرت لنا وسائل التكنولوجيا الحديثة الوصول إليها عن طريق شبكة الإنرنت .. ويجدر بي هنا أن أنبه إلى أن معظم أدعية آل البيت للأسف لن نجدها إلا في كتب الشيعة .. وذلك كما نوهتُ سابقاً كان لأسباب سياسية حالت دون انتشار هذه الأدعية بين عامة المسلمين .. ولا يشككنَّ أحدكم في صحة الأخذ بهذه الأدعية .. فالدعاء مخ العبادة .. والدعاء جوهره يكمن في إخلاص الداعي وليس في مصدر الدعاء .. فالله سبحانه وتعالى يسمع دعاء الجميع .. المسلم وغير المسلم .. وأساس قَبول الدعاء هو الآية الكريمة «إنما يتقبل الله من المتقين» .. كما قال سبحانه وتعالى: «ادعوني أستجب لكم» .. وسأفرد مقالاً عن أدعية آل البيت وكيفية الوصول إليها في مقال لاحق بإذن الله.

ثالثاً: البحث في تاريخ آل البيت، وهو أمر كتب فيه بعض المؤرخين، ولا يصعب على القارىء معرفة ما هو منطقي مما كُتِبَ وما هو غير منطقي .. ولن يضر أحد إذا ما قرأ لعدة كُتَّـاب في هذا المجال، كما أن القراءة في هذا المجال ستفتح الباب لتفهُّم الكثير من الأمور التي نعاني منها في الوقت الراهن .. فالقراءة هي باب المعرفة .. والتمسك بكتاب الله يبدأ بقراءة هذا الكتاب العزيز ومحاولة فهمه .. والتمسك بنبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يبدأ بالقراءة في سيرته وسنته ومحاولة فهمها وتطبيقها .. وكذلك التمسك بآل البيت رضوان الله عليهم أجمعين .. فالتمسك بهم يبدأ بالقراءة في سيرتهم من هنا أو هناك ومحاولة فهم جوهرهم وخلاصة ما وصلنا عنهم من مأثورات.

رابعاً: البحث عن ما هو مأثور عن سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه وأرضاه من أقوال ودعاء وحكم وشعر.. وفي هذه النقطة أنقل لكم ما أورده الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وصححه الألباني عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال : سمعت الحسن بن علي قام فخطب الناس فقال : يا أيها الناس! لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون بعلمٍ، ولا يدركه الآخرون»، وقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه: « والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم ، وايمُ اللهِ لقد شارككم في العشر العاشر»
وجاء في كتاب الاستيعاب لابن عبد البر الأندلسي قال: قالت عائشة رضي الله عنها: «من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا: علي رضي الله عنه. قالت أما إنه لأعلم الناس بالسنة
«
كما رُوي عن سيدنا الإمام علي بن أبي طالب من  أكثر من طريق قوله: «سَلُونِي فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ، وَسَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ, فَوَاللَّهِ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ بِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ وَأَمْ فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ».
أما فيما قاله سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه فسأكتفي هنا بما ذُكر في صحيح البخاري ومسلم عن رسول الله أنه قال: « ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه ليس نبي بعدي»، وفي حديث آخر في صحيح البخاري أنه قال لسيدنا الإمام علي كرم الله وجهه: «أنت مني وأنا منك
».
وسأُفرِدُ مقالاً مُطولاً أنقل فيه ما ورد في فضل سيدنا الإمام علي من أحاديث في كتب السنة قال عنها الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: «لم ينقل لأحدٍ من الصحابة ما نقل لعلي رضي الله عنه»، حتى إن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عيّنه قاضياً وكان يقول: «لولا عليٌّ لهلك عُمَر».

ولا شك في أننا إذا بدأنا البحث من أية نقطة مما ذكرتُ، سيأخذنا البحث إلى الطريق الذي يجعلنا نصل إلى الأخذ بالحديث الذي ذكرته في أول المقال..
هذا هو مقالي الأول الذي أتقرب به إلى الله تعالى ونبيه حبيبي المصطفى وآله الكرام .. وسيكون هذا المقال فاتحة سلسلة من المقالات بإذن الله خصصت لها هذه المدونة في سبيلي للأخذ بحديث حبيبي الذي ذكرته في أول كلامي وليكون شاهداً أمام حبيبي حين يسألني عن قوله: «فانظروا كيف تخلفوني فيهما»...
 وكما بدأت أول كلامي بحديث لحبيبي وسيدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أختم كلامي بحديثه الوارد في صحيح مسلم في باب (من فضائل علي بن أبي طالب) الجزء السابع:
عن زيد بن الأرقم رضي الله عنهما قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ». فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ « وَأَهْلُ بَيْتِى .. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى .. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى.. أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى ».

صباح الأربعاء
15 رمضان 1434هـ

24 يوليو 2013 م